File:الكامل في اسانيد وتصحيح حديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وبيان من صححه من الأئمة.pdf

العربية: يقول المؤلف : بعد كتابي الأول ( الكامل في السُّنن ) ، أول كتاب علي الإطلاق يجمع السنة النبوية كلها ، بكل من رواها من الصحابة ، بكل ألفاظها ومتونها المختلفة ، من أصح الصحيح إلي أضعف الضعيف ، مع الحكم علي جميع الأحاديث ، وفيه ( 60.000 ) أي 60 ألف حديث ، آثرت أن أجمع الأحاديث الواردة في بعض الأمور في كتب منفردة ، تسهيلا للوصول إليها وجمعها وقراءتها .

في الكتاب السابق رقم 124 من هذه السلسلة ( الكامل في أحاديث الوتر والتهجد وقيام الليل وما ورد في فضله وكيفيته وآدابه ) ، وفيه ( 870 ) حديث تقريبا ، كان من الأحاديث الواردة في فضل ذلك حديث ( من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ) ،

والمشهور عند أكثر الناس أن هذا حديث متروك أو مكذوب ، فآثرت أن أفرده في كتاب وحده لبيان صحته والجواب عن حجة من ضعفه ، وحجتهم في تضعيف الحديث أنه من قول أحد التابعين وأخطأ فيه أحد الرواة وهو ثابت الضبي وظنّه حديثا عن النبي ، وقصتهم في ذلك مشهورة وستأتي ،

فأحببت أن أجمع أسانيد هذا الحديث لبيان أن الحديث له طرق أخري ولم يتفرد بروايته ثابت الضبي ، وأن مجموع هذه الأسانيد يثبت ولابد أن الحديث له أصل عن النبي ، وإن سلمنا جدلا وعلي مضض أن مجموع هذه الأسانيد لا يرفع الحديث إلي الحسن فهي قطعا ترفعه عن أن يكون متروكا فضلا عن أن يكون مكذوبا . 

_ من أقوال الأئمة في تصحيح هذا الحديث :

_(1)_ قال الإمام الشهاب القضاعي في المسند ( 1 / 254 ) بعد هذا الحديث ( وروى هذا الحديث جماعة من الحفاظ ، وانتقاه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ من حديث القاضي أبي الطاهر محمد بن أحمد الذهلي ، وما طعن أحد منهم في إسناده ولا متنه ،

وقد أنكره بعض الحفاظ وقال إنه من كلام شريك بن عبد الله ونسب الشبه فيه إلى ثابت بن موسى الضبي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الغازي المطوعي ساكن مكة حرسها الله إجازة قال أبنا محمد بن عبد الله الحاكم قال دخل ثابت بن موسى الزاهد على شريك بن عبد الله القاضي والمستملي بين يديه وشريك يقول ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله ولم يذكر المتن ، فلما نظر إلى ثابت قال من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ، وإنما أراد بذلك ثابت بن موسى لزهده وورعه ،

فظن ثابت بن موسى أنه روى هذا الحديث مرفوعا بهذا الإسناد ، وكان ثابت بن موسى يحدث به عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، وليس لهذا الحديث أصل إلا من هذا الوجه وعن قوم من المجروحين سرقوه من ثابت بن موسى ورووه عن شريك ،

وقد روي لنا هذا الحديث من طرق كثيرة ، وعن ثقات عن غير ثابت بن موسى وعن غير شريك وذلك ، ..... ثم ذكر بأسانيده متابعات تثبت عدم تفردهم بالحديث ) ، وصدق وهو بهذا يرد علي من ضعف الحديث ويثبت أن الحديث عنده حديث حسن . 

_(2)_ قال الإمام أبو بكر المفيد ( الأمالي الخميسية للشجري / 1 / 274 ) بعد هذا الحديث ( دفع كثيرا من الحفاظ وأهل المعرفة بالنقل من أهل العلم بالروايات وتفاوت الحديث أن هذا الحديث تفرد بروايته عن الأعمش شريك ، ثم تفرد بروايته عن شريك ثابت بن موسى ، وإن ثابت بن موسى لم يتابع علي رواية هذا الحديث عن شريك عن الأعمش ، فنظرت فإذا عبد الله بن شبرمة ابن عم لشريك بن عبد الله قد رواه ) ، وهو بهذا يرد علي من ادعي تفرد ثابت الضبي بالحديث .

_(3)_ ذكر هذا الحديث الإمام السيوطي في اللآلئ ( 2 / 29 ) ثم نقل كلام الإمام الشهاب السابق في عدم تفرد روايه به ، ولم ينكر عليه ولم ينفِ قوله ، ثم أورد للحديث عدة متابعات تثبت عدم تفرد راويه به .

وأنا مع هؤلاء الأئمة القائلين أن الحديث حسن ، وأن القصة المذكورة في تضعيفة ليست بيّنة واضحة قوية لتضعيف الحديث ، حتي إن سلمنا لهم جدلا بذلك فإنما هي تضعيف لطريق واحدة من طرق الحديث وللحديث طرق أخري تقويه .