File talk:Larousse secXIX.jpg

From Wikimedia Commons, the free media repository
Jump to navigation Jump to search

شجاعة التصدّي عرض القرآن الكريم جوانب كثيرة من القصص النبوي لمبعوثي الرسالة فكان منها جانب الاصرار لدى المرسلين وهذا الجانب له ما يبرّره فالراصد لمستوى تلكم المواجهات يرى أنّ القوة والرجحان المادي في الطرف الثاني الموجه للمرسلين وهذا يستدعي قدراً أكبر من الثبات والاصرار لمواصلة الطريق من قبل المرسلين وأتباعهم ومن جهة اخرى فإنّ فكرةً شجاعةً وصائبةً إذا لم تكن قيادتها ومريدوها على مستوى التصدّي والشجاعة اللائقة بإدارة الصراع فسيلقي ذلك بظلاله عليها ويلوّنها بألوان الضعف وبالتالي فروح المقاومة لم تتمكّن من نفوسهم فتذهب ريحهم أمام أية مواجهة أو امتحان تبتلى فيه المواقف. إن القوة إنما يتمّ توظيفها في قدرات الفكرة لتنسف كلّ معقّد وتذلّل كلّ هول في طريق الداعين إلى الله. إذن الشجاعة ليست عارضاً في المواجهة الفكرية والسياسية بل تعد من اسس التصعيد التبليغي والرسالي والدعوي فكثير من الأفكارقضى عليها التردّد حين يكون مبعثه الخوف ووهن العزيمة ومن يقف على فصول هذه المواجهات يجد أوسع المساحات من مواقف الشجاعة والقوة في حركة المرسلين والقرآن الكريم يهتف بذلك في مواطن كثيرة نذكر منها : 1 ـ في جواب نوح لقومه قال تعالى : (قال إنّما يأتيكم به الله إن شآء

ومآ أنتم بمعجزين * ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربّكم وإليه ترجعون) (1). 2 ـ في جواب هود لقومه قال تعالى : (إن نّقول إلاّ اعتراك بعض ءالهتنا بسوءٍ قال إنّي أشهد الله واشهدوا أنّي بري ء مّمّا تشركون من دونه جميعاً ثمّ لا تنظرون) (2). 3 ـ في لقاء موسى النبي بفرععون قال تعالى : (قال كلاّ فاذهبنا بايتنآ إنّا معكم مّستمعون * فأتيا فرعون فقولآ إنّا رسول ربّ العلمين) (3). 4 ـ في جواب صالح لقومه قال تعالى : (فاتّقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) (4). 5 ـ مواقف خاتم الانبياء محمّد طفحت بالمواجهات الساخنة وبصلابته هو وأتباعه وهي كثيره جداً فقد بلّغ رسالته في جوّ وثني إرهابي متعسّف وصدع بالرسالة وأعرض عن المشركين ـ وهو أمر إلهي ـ وأعلنها صريحة (قل يا أيّها الكفرون * لآ أعبد ما تعبدون) (5). وقال لعمّه وناصره أبي طالب متحديّاً جبروت قريش وطغاتها : «يا عمّاه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله وأو أهلك فيه ـ ما تركته» فقال له أبو طالب : اذهب __________________ (1) سورة هود : 11 / 33 ـ 34. (2) سورة هود : 11 / 55. (3) سورة الشعراء : 26 / 15 ـ 16. (4) سورة الشعراء : 26 / 150 ـ 152. (5) سورة الكافرون : 109 / 1 ـ 2.

يا ابن أخي فقل ما أحبيت فو الله لا أسلمك لشيء أبداً .. (1). والمسلم الحقّ من جسّد تلك المواقف الرسالية الخالدة لتوظيفها في إثارة مكامن القوّة في نفسه لتبليغ قضيته وتحديد موقفه من ألوان الصراع والتحدّي وعلى أكثر من صعيد.